عن تحريك سعر الصرف و إحتمالية وقوع الحدث المؤكد والحدث المستحيل
من منهجي في الكتابة سلوك سبيل الاعتدال، وقد وجدت توقعات كثيرة لسعر الصرف خلال الفترة القريبة القادمة، بعضها يتسم بالتحفظ الشديد والبعض الأخر يتسم بالمبالغة المفرطة، وعليه أخترت سبيل ترجيح التوقع وفقاً للأسس العلمية.
ولتوقع تحريك سعر الصرف خلال الفترة القادمة وهو الحدث المؤكد، يجب التفكير من خلال إلقاء النظر على بعض ما نستطيع قياسه من العوامل المؤثرة عليه، وقد أشرت في مقال سابق بتوقع تبكير الانتخابات وقد حدث، وأشرت أيضاً بتحريك سعر الصرف بعدها وذكرت الأسباب الاقتصادية المتعلقة بهذا التوقع.
يتأثر سعر الصرف بأكثر من خمس عوامل: معدلات التضخم والفائدة ومعدلات الدخل والقيود الحكومية على تداول العملة، بالاضافة إلى تأثره أيضاً بتوقعات السوق والمستثمرين لسعر الصرف في المستقبل
.لتبسيط الأمر، سنُحيد كافة العوامل ونبني التوقع على العامل الأول فقط وهو معدلات التضخم. يتم حساب سعر الصرف وفقاً للمعادلة الآتية المعبرة عن الفرق بين معدل التضخم في مصر
[(1+inf. home country)/(1+inf. foreign country)] - 1
ومعدل التضخم في الولايات المتحدة:
وفقاً لأخر الإحصائيات المتاحة في شهر نوفمبر، انخفض التضخم السنوي في مصر إلى مستوى ٣٥,٩%، في حين انخفض معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة الى ٣,١٪ وبالتالي النتيجة:
[(1+0.359)/(1+0.031)]-1= 0.318 (32%)
ومن خلال قراءة النتيجة، نستطيع أن نستخلص أن البنك المركزي قد يُخفض الجنية مرة أخرى بمقدار ٣٢٪ إلى نطاق ٤١ جنية مقابل الدولار
هناك إحتمال أخر وهو أيضاً قائم وبشدة بأن يقوم المركزي بتحرير سعر الصرف بشكل كامل لنطاق يقارب من مستويات السوق الموازي في حال تغيير سياسة نظام الصرف الأجنبي (FX Rate Regime) و الانتقال من سياسة التعويم المدار (Managed Floating Regime) إلى سياسة تحرير كامل (Free Floating Regime) حتى ولو بشكل مؤقت كما حدث في سنة ٢٠١٦.
وبناءً علي ذلك، يمكن توقع أن يتم التخفيض ليتراوح بين ٤٠ - ٤٥ جنيه (متوسط) مع زيادة معدلات الفائدة للدفاع عن العملة المحلية ومجابهة الدولرة ومحاولة استعادة الأموال الساخنة (الاستثمار الأجنبي الغير مباشر) من خلال ضمان حصولهم على معدل فائدة حقيقي موجب، الأمر الذي قد يستدعي المركزي لرفع الفائدة بالتدريج خلال ٢٠٢٤ عند مستوى متوسط ٣٠٪ مع محاولة ترويض التضخم لينخفض تحت مستوى معدلات الفائدة.
التوقع السالف ذكره ليس حلاً للأزمة الحالية، لكنه طريق أُجبرنا علي السير فيه و أمر لابد منه.أما الحدث المستحيل في الوقت الراهن في ظل المؤشرات الحالية للاقتصاد الكلي هو أن ترتفع قيمة الجنية أمام الدولار. والله أعلم.
و للحديث بقية عن بعض الحلول المقترحة للخروج من الأزمة